الإنسان، محتاج، إلى ربط الصلة بالذي أوجده لأول مرة، لكن تبقى العقبة الكأداء أمام إعادة ربطها، هي شِباك الأنا التي تجعله لا يرى إلا نفسه وقد أهمته في سفره وحِلِّه، وهو يتصورها غاية في القوة والحرية، دون أن يفطن إلى أنها تحمل، في ثناياها، نقطة ضعفه، حيث تتناسل احتياجاتها، التي يندفع لتلبيها بشكل مُتتال، قصد سدِّ نقصه. ما أن يتوهم سدَّ بعضِها، ويحس بنخوة تحقيق الانتصار على نقصه، حتى يفاجأ، من جديد، بشبح الحاجة وقد انتصب مرة أخرى، أمامه كظله. وهكذا يبقى منشغلا بنفسه، بين فرح بما جَدَّ في مِلْكه، وقلقٍ عليه مِن فقْدِه، أو أسىً على فواته وضياعه من يده. إذا أصابته سراء، انغمس في طلب الشهوة، حتى تجاوز فيها حده. وإذا ابتلاه ربه بضراء، استسلم لليأس وهم بالانتحار، والتعجيل بموته؛ وقد أنساه الشيطان، في كل هده الأحوال، ذكر ربه. فحُرم سكون الاطمئنان في قلبه. وألهاه توارد هموم الدنيا على قلبه. كلما فرغ من همّ إلا وتلاه هم آخر على إثره، حتى تنقضي هذه الدنيا بحلول أجله، فلا يجد غير الوهم والسراب مِن حوله.
فلا يقتحم هذه العقبة، فيخرج من عذاب الحلقة المفرغة، إلا بربطه الصلة بربه، برؤية أنه ليس متروكا لوحده، وأنه مغمور بنعمته. فيهرع إلى ذكره. وذلك هو مدخل الطريق إلى ولايته وحرزه، حيث يتجلى نور توقيفه وهدايته. هنالك يتوقف انشغاله الدنيوي بهموم نفسه، فيضعها كلها بين يدي ربه، بعد فعل الأسباب التي في وسعه، متوكلا على الذي، كل مقاليد الأمور لا تعزب عن علمه، وأَزِمَّتها طَوْع يده. فيكون الشعور بالاستغناء بالله، مِن حُسن ذكره.
مدون مغربي. من مواليد سنة 1956. عمل سابقا في مجال التدريس و التكوين. و مارس العمل الجمعوي..كما اشتغل في العمل السياسي،و كان عضوا بالبرلمان المغربي لولايتين تشريعيتين.